كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قال ابن عربي‏:‏ من أسرار عدم الخلة هنا أن أبا بكر واقف مع صدقه ومحمد واقف مع الحق في الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت فهو الحكيم كفعله يوم بدر في الدعاء والإلحاح وأبو بكر عن ذلك صاح فإن الحكيم يوفي البواطن والظواهر حقها ولما لم يصح اجتماع متضادين معاً كذلك لم يقم أبو بكر وثبت مع صدقه فلو فقد النبي صلى اللّه عليه وسلم في ذلك الموطن وحضره أبو بكر لقام في ذلك المقام الذي أقيم فيه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه ليس ثم أعلى منه ليحجبه في ذلك فهو صادق ذلك الوقت وحكيمه وما سواه تحت حكمه‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن الزبير‏)‏ بن العوام ‏(‏خ‏)‏ فيها ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه مسلم أيضاً في المناقب بلفظ لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت ابن أبي قحافة خليلاً وبلفظ لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت ابن أبي قحافة خليلاً ولكن صاحبكم خليل للّه وفي لفظ إلا أني أبرأ إلى كل خل من خلته ولو كنت متخذاً خليلاً إلخ‏.‏ قال المصنف‏:‏ والحديث متواتر ثم ساقه عن بضعة عشر صحابياً‏.‏

7484 - ‏(‏لو كنت مؤمراً على أمتي أحداً‏)‏ أي لو كنت جاعلاً أحداً أميراً يعني أميراً لجيش بعينه أو طائفة معينة لا الخلافة فإنه غير قرشي والأئمة من قريش ‏(‏من غير مشورة منهم لأمرت عليهم ابن أم عبد‏)‏ عبد اللّه بن مسعود صاحب النعل الشريف‏.‏

- ‏(‏حم ت ه ك عن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏

7485 - ‏(‏لو كنت‏)‏ بكسر التاء ‏(‏امرأة لغيرت أظافرك‏)‏ أي لونها ‏(‏بالحناء‏)‏ قاله لمن مدت يدها له لتبايعه من وراء ستر فقبض يدها وقال‏:‏ ما أدري أيد رجل أم امرأة قالت‏:‏ امرأة قال ابن حجر‏:‏ وإنما أمرها بالخضاب لتستر بشرتها فخضاب اليد مندوب للنساء للفرق بين كفها وكف الرجل بل ظاهر قول بعضهم أن من تركته فقد دخلت في الوعيد الوارد في المتشبهات بالرجال أي تركه حرام لكن لم يقل به أحد فيما أعلم‏.‏

- ‏(‏حم ن‏)‏ في الزينة ‏(‏عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه ظاهر سكوته عليه أن مخرجه أحمد خرجه وأقره والأمر بخلافه فقد قال في العلل‏:‏ حديث منكر وفي الميزان وعن ابن عدي أنه غير محفوظ وقال في المعارضة‏:‏ أحاديث الحناء كلها ضعيفة أو مجهولة‏.‏

7486 - ‏(‏لو كنتم تغرفون‏)‏ بغين معجمة ‏(‏من بطحان ما زدتم‏)‏ بضم الباء وسكون الطاء اسم واد في المدينة أن من منازل بني النضير اليهود كما في المشترك الياقوت سمي به لسعته وانبساطه من البطح وهو البسط وخص بالذكر لأنه أقرب المواضع ‏[‏ص 331‏]‏ التي تقام بها أسواق المدينة كذا ذكره القاضي في شرح المصابيح وما ذكره من ضم أوله غير صواب ففي معجم ما استعجم هو بفتح أوله وكسر ثانيه وهاء مهملة على وزن فعلان قال‏:‏ ولا يجوز غيره اهـ بنصه لكن القاضي تبع ابن قرقول حيث قال‏:‏ هو في رواية المحدثين بضم الباء وحكى أهل اللغة فتحها وكسر الطاء اهـ‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في النكاح ‏(‏عن أبي حدرد‏)‏ الأسلمي وسببه أنه أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يستعينه في مهر فقال‏:‏ كم أمهرتها قال‏:‏ مائتي درهم فذكره قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

7487 - ‏(‏لو لم تذنبوا لجاء اللّه بقوم يذنبون‏)‏ أي ثم يستغفرون كما في رواية أحمد الأخرى ‏(‏ليغفر لهم‏)‏ لما في إيقاع العباد في الذنوب أحياناً من الفوائد التي منها اعتراف المذنب بذنبه وتنكيس رأسه عن العجب وحصول العفو من اللّه، واللّه يحب أن يعفو فالقصد من زلل المؤمن ندمه ومن تفريطه أسفه ومن اعوجاجه تقويمه ومن تأخيره تقديمه والخبر مسوق لبيان أن اللّه خلق ابن أدم وفيه شموخ وعلو وترفع وهو ينظر إلى نفسه أبداً وخلق العبد المؤمن لنفسه وأحب منه نظره له دون غيره ليرجع إلى مراقبة خالقه بالخدمة له وأقام له معقبات وكفاه كل مؤونة وعلم أنه مع ذلك كله ينظر لنفسه إعجاباً به فكتب عليه ما بصرفه إليه فقدر له ما يوقظه به إذا شغل عنه وهو الشر والمعاصي ليتوب ويرجع إلى اللّه ‏{‏وتوبوا إلى اللّه جميعاً أيها المؤمنون‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه يحيى بن عمرو بن مالك البكري وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات اهـ‏.‏ والمصنف رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه مما لم يخرجه من الستة أحد وهو عجيب فقد خرجه الإمام مسلم في التوبة من حديث أبي أيوب بلفظ لولا أنكم تذنبون لخلق اللّه خلقاً يذنبون يغفر لهم وبلفظ لولا أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها لكم لجاء اللّه بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم ومن حديث أبي هريرة بلفظ والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب اللّه بكم ولجاء بقوم يذنبون فيغفر لهم‏.‏

7488 - ‏(‏لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم‏)‏ وفي رواية لخشيت ‏(‏ما هو أكبر من ذلك العجب العجب‏)‏ لأن العاصي يعترف بنقصه فترجى له التوبة والمعجب مغرور بعمله فتوبته بعيدة ‏{‏وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً‏}‏ ولأن دوام الطاعة يوقع فيه ولهذا قيل أنين المذنبين إلى اللّه من زجل المسبحين لأن زجلهم يشوبه الافتخار وأنين أولئك يشوبه الانكسار والافتقار والمؤمن حبيب اللّه يصونه ويصرفه عما يفسده إلى ما يصلحه والعجب يصرف وجه العبد عن اللّه والذنب يصرفه إليه والعجب يقبل به على نفسه والذنب يقبل به على ربه لأن العجب ينتج الاستكبار والذنب ينتج الاضطرار ويؤدي إلى الافتقار وخير أوصاف العبد افتقاره واضطراره إلى ربه فتقدير الذنوب وإن كانت ستراً ليست لكونها مقصودة لنفسها بل لغيرها وهو السلامة من العجب التي هو خير عظيم قال بعض المحققين‏:‏ ولهذا قيل يا من إفساده إصلاح يعني إنما قدره من المفاسد فلتضمنه مصالح عظيمة احتقر ذلك القدر اليسير في جنبه لكونه وسيلة إليها وما أدى إلى الخير فهو خير فكل شر قدره اللّه لكونه لم يقصد بالذات بل بالعرض لما يستلزمه من الخير الأعظم يصدق عليه بهذا الاعتبار أنه خير وفيه كالذي قبله دلالة على أن العبد لا تبعده الخطيئة عن اللّه وإنما يبعده الإصرار والإستكبار والإعراض عن مولاه بل قد يكون الذيب سبباً للوصلة بينه وبين ربه كما سبق‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه سالم أو سلام بن أبي الصهباء قال البخاري‏:‏ منكر الحديث وأحمد‏:‏ حسن الحديث اهـ‏.‏ ورواه أيضاً باللفظ المذكور ابن حبان في الضعفاء والديلمي في مسند الفردوس وطرقه كله ضعيفة ولهذا قال في الميزان عند إيراده‏:‏ ما أحسنه من حديث لو صح وكان ينبغي للمصنف تقويتها بتعددها الذي رقاه إلى رتبة الحسن ولهذا قال في المنار‏:‏ هو حسن بها بل قال المنذري‏:‏ رواه البزار بإسناد جيد‏.‏

7489 - ‏(‏لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث اللّه رجلاً من أهل بيتي يملأها‏)‏ أي الأرض ‏(‏عدلاً كما ملئت جوراً‏)‏ المراد ‏[‏ص 332‏]‏ المهدي كما بينه الحديث الذي بعده ولا ينافي أخبار المهدي لا مهدي إلا عيسى ابن مريم لأن المراد كما مرت الإشارة إليه لا مهدي على الحقيقة إلى عيسى سوَّده لوضعه الجزية وإهلاكه الأمم المخالفة لملتنا أو لا مهدي معصوماً إلا هو‏.‏

- ‏(‏حم د عن علي‏)‏ أمير المؤمنين، رمز لحسنه، قال ابن الجوزي‏:‏ فيه ياسين العجلي قال البخاري‏:‏ وفيه نظر‏.‏

7490 - ‏(‏لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي‏)‏ لفظ الترمذي لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي ‏(‏يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً‏)‏ القسط بكسر القاف العدل والجور الظلم فالجمع للمبالغة وفيه رد لقول الرافضة إن المهدي هو الإمام أبو القاسم محمد الحجة ابن الإمام أبي محمد الحسن الخالص وأنه المهدي المنتظر لأنه وإن وافق اسمه اسمه لكن اسم أبيه ليس موافقاً لاسم أبيه‏.‏

- ‏(‏حم د عن ابن مسعود‏)‏ وكذا أخرجه الترمذي وقال‏:‏ حسن صحيح رمز المصنف لحسنه‏.‏

7491 - ‏(‏لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله اللّه حتى يملك رجل من أهل بيتي جبل الديلم‏)‏ بفتح الدال واللام بلاد معروفة ‏(‏والقسطنطينية‏)‏ بضم القاف وسكون السين وفتح الطاء وسكون النون وكسر الطاء الثانية أعظم مدائن الروم يقال بناها قسطنطين الملك وهو أول من تنصر من ملوك الروم‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

7492 - ‏(‏لو مرت الصدقة على يدي مئة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدئ من غير أن ينقص من أجره شيئاً‏)‏ لأن هذه الأيدي كلها منتهية إلى يد اللّه سبحانه وتعالى لأنه الذي يأخذ الصدقة بيمينه وكل واحد منهم تسبب في إنفاد الصدقة فكان له مثل ثواب المتصدق وإن كثرت الوسائط‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة بشير البلخي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه عبد اللّه بن سعيد المقبري قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ تركوه‏.‏

7493 - ‏(‏لو نجا أحد من ضمة القبر‏)‏ وفي رواية من ضغطة القبر بضم الضاد ‏(‏لنجا‏)‏ منها ‏(‏سعد بن معاذ‏)‏ سيد الأنصار ‏(‏ولقد ضم ضمة ثم روخي عنه‏)‏ فالمؤمن أشرق نور الإيمان في صدره فباشر اللذات والشهوات وهي من الأرض والأرض مطيعة وخلق الآدمي من هذه الأرض وقد أخذ عليه العهد والميثاق في العبودية له فما نقص من وفاء العبودية صارت الأرض عليه واجدة فإذا وجدته في بطنها ضمته ضمة ثم تدركه الرحمة فترحب به وعلى قدر سرعة مجيء الرحمة يتخلص من الضمة فإن كان محسناً فإن رحمة اللّه قريب من المحسنين فإذا كانت الرحمة قريبة من المحسنين لم يكن الضم كثيراً وإذا كان خارجاً من حد المحسنين لبث حتى تدركه الرحمة ولا ينافيه اهتزاز العرض لموته لأن دون البعث زلازل وأهوال لا يسلم منها ولي ولا غيره ‏{‏ثم ننجي الذين اتقوا‏}‏ ولهذا قال عمر‏:‏ لو كان لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به ‏[‏ص 333‏]‏ من هول المطلع وفي الحديث إشارة إلى أن جميع ما يحصل للمؤمن من أنواع البلايا حتى في أول منازل الآخرة وهو القبر وعذابه وأهواله لما اقتضته الحكمة الإلهية من التطهيرات ورفع الدرجات ألا ترى أن البلاء يخمد النفس ويذلها ويدهشها عن طلب حظوظها ولو لم يكن في البلاء إلا وجود الذلة لكفى إذ مع الذلة تكون النصرة‏.‏

تنبيه‏:‏ قد أفاد الخبر أن ضغطة القبر لا ينجو منها أحد صالح ولا غيره لكن خص منه الأنبياء كما ذكره المؤلف في الخصائص وفي تذكرة القرطبي يستثنى فاطمة بنت أسد ببركة النبي صلى اللّه عليه وسلم وفيها أيضاً ذكر بعضهم أن القبر الذي غرس عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم العسيب قبر سعد قال‏:‏ وهذا باطل وإنما صح أن القبر ضغطه كما ذكر ثم فرج عنه قال‏:‏ وكان سببه ما روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد اللّه أنه سأل بعض أهل سعة ما بلغكم في قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا قالوا‏:‏ ذكر لنا أنه سئل عنه فقال‏:‏ كان يقصر في بعض الطهور من البول وذكر هناد بن السري حديثاً طويلاً عنه أنه ضم في القبر ضمة حتى صار مثل الشعرة فدعوت اللّه أن يرفعه عنه إنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول‏.‏ وقال السلمي‏:‏ أما الأخبار في عذاب القبر فبالغة مبلغ الاستفاضة منها قوله صلى اللّه عليه وسلم في سعد بن معاذ لقد ضغطته الأرض ضغطة اختلفت لها ضلوعه قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم ننقم من أمره شيئاً إلا أنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول هكذا ذكره القرطبي عنه ثم قال‏:‏ فقوله صلى اللّه عليه وسلم ثم خرج عنه دليل على أنه جوزي على ذلك التقصير لا أنه يعذب بعد ذلك في قبره هذا لا يقوله إلا شاك في فضيلته وفضلة ونصيحته وصحبته أترى من اهتز له عرش الرحمن كيف يعذب في قبره بعد ما فرج عنه‏؟‏ هيهات لا يظن ذلك إلا جاهل بحقه غبي بفضيلته وفضله اهـ‏.‏ وأخرج الحكيم عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ لما توفي سعد بن معاذ ووضع في حفرته سبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم كبر وكبر القوم معه فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه لم سبحت قال‏:‏ هذا العبد الصالح لقد تضايق عليه قبره حتى فرجه اللّه عنه فسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فقال‏:‏ كان يقصر في بعض الطهور من البول اهـ بحروفه‏.‏ قال الحكيم‏:‏ فإن قيل الذي يهتز العرش لموته كيف يضيق عليه قلنا هذا خبر صحيح وذاك صحيح وإنما سبب ضم القبر أنه كان يقصر في بعض الطهور فكان القوم لا يستنجون بالماء بل بالأحجار فلما نزل فيه ‏{‏رجال يحبون أن يتطهروا‏}‏ ففشا فيهم الطهور بالماء فمنهم من استنجى بالماء ومنهم من استمر على الحجر فأهل الاستقامة يردون اللحود وقد يكون فيهم خصلة عليهم فيها تقصير فيردون اللحد مع ذلك التقصير غير نازعين عنه وليس ذلك بذنب ولا خطيئة فيعاتبون في قبورهم عليه فتلك الضمة نالت سعداً مع عظيم قدره لكونه عوتب في القبر بذلك التقصير فضم عليه ثم فرج ليلقى اللّه وقد حط عنه دنس ذلك التقصير مع كونه غير حرام ولا مكروه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله موثقون‏.‏

7494 - ‏(‏لو نزل موسى‏)‏ بن عمران من السماء إلى الدنيا ‏(‏فاتبعتموه وتركتموني لضللتم‏)‏ أي لعدلتم عن الاستقامة لأن شرعي ناسخ لشرعه‏.‏ قال الراغب‏:‏ الضلال العدول عن الاستقامة ويضاده الهداية ‏(‏أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم‏)‏ قد وجه اللّه وجوهكم لاتباعي ووجهني إلى دعائكم إليه قال الحرالي‏:‏ فإذا كان ذلك في موسى كان في المتخذين لملته إلزام بما هم متبعون لمتبعه عندهم وأصل ذلك أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما كان المبدأ في الأبد وجب أن يكون النهاية في المعاد بإلزام اللّه أعلى الخليقة ممن أحب اللّه أن يتبعوه وأجرى ذلك على لسانه إشعاراً بما فيه من الخير والوصول إلى اللّه من أنه نبي البشرى ويكون ذلك أكظم لمن أبى اتباعه اهـ‏.‏ وقال غيره‏:‏ هذا لا يوجب على تقدير نزول موسى زوال النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا انتقاله عن الرسالة لأنه لو نزل نزل على نبوته ورسالته وتكون ‏[‏ص 334‏]‏ الشريعة شريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم كما كانت في عصر إبراهيم لإبراهيم دون لوط وفي زمن عيسى له دون يحيى فالمعنى أنه لو كان في زمني لكان عليكم اتباعي فإن تركتم ما أمرتم به ضللتم وخسرتم‏.‏

- ‏(‏هب عن عبد اللّه بن الحارث‏)‏ ابن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة الزبيدي بضم الزاي صحابي سكن مصر قال‏:‏ دخل عمر على النبي صلى اللّه عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال‏:‏ هذه كنت أصبتها مع رجل من أهل الكتاب فقال‏:‏ فاعرضها عليَّ فعرضها فتغير وجهه تغيراً شديداً ثم ذكره‏.‏

7495 - ‏(‏لو يعطى الناس بدعواهم‏)‏ أتى بمجرد أخبارهم عن لزوم حق لهم على آخرين عند حاكم ‏(‏لادَّعى ناس‏)‏ في رواية بدله رجال وخصوا لأن ذلك من شأنهم غالباً ‏(‏دماء رجال وأموالهم‏)‏ ولا يتمكن المدعي عليه من صون دمه وماله ووجه الملازمة في هذا القياس الشرطي أن الدعوى بمجردها إذا قبلت فلا فرق فيها بين الدماء والأموال وغيرهما وبطلان اللازم ظاهر لأنه ظلم وقدم الدماء لأنها أعظم خطراً وفي رواية عكس وعليه فوجهه كثرة الخصومات في المال ‏(‏ولكن اليمين على المدعى عليه‏)‏ ذكر اليمين فقط لأنه الحجة في الدعوى آخراً وإلا فعلى المدعي البينة لخبر البيهقي بإسناد جيد البينة على المدعي واليمين على من أنكر فقوله ولكن إلخ بيان لوجه الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه لأنه لو أعطى بمجردها لم يمكن المدعى عليه صون ماله كما تقرر وفيه حجة لمذهب الشافعي من توجه اليمين على كل من ادعى عليه بحق مطلقاً ورد لاشتراط مالك المخالطة وحسبك أنه رأي في مقابلة النص‏.‏

- ‏(‏حم ق ه عن ابن عباس‏)‏‏.‏

7496 - ‏(‏لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء‏)‏ أي تكلف القيء قال الزمخشري‏:‏ والتقيؤ أبلغ من الاستقاءة وذلك لأن الشرب قائماً يحرك خلطاً رديئاً يكون القيء دواءه وإنما فعله هو بياناً للجواز مع أمنه منه قال النووي‏:‏ قد أشكل أحاديث فعله له على بعضهم حتى قال أقوالاً باطلة ولا حاجة لإشاعة الغلطات والصواب أن النهي محمول على التنزيه وفعله لبيان الجواز ومن زعم نسخاً أو غيره فقد غلط والأمر بالاستقاءة محمول على الندب وقول عياض لا خلاف أن من شرب قائماً ليس عليه أن يتقيأ لا يلتفت إليه إذ كونهم لم يوجبوها عليه لا يمنع الندب‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ من حديث زهير بن محمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد اللّه ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الذهبي‏:‏ قلت هذا منكر وهو من جزو الحفار اهـ‏.‏ ثم رواه البيهقي من حديث عبد الرزاق أيضاً من طريق الرمادي عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة فقال الذهبي هذا منقطع اهـ‏.‏

7497 - ‏(‏لو يعلم المار‏)‏ أي علم فوضع المضارع موضع ما تستدعيه لو من الماضي ليفيد استمرار العلم وأنه مما ينبغي أن يكون على بال منه ‏(‏بين يدي المصلي‏)‏ أي أمامه بالقرب منه وخص اليدين بالذكر لأن بهما غالباً دفع المار المأمور به فيما يأتي‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ ما المراد بقوله بين يديه هل يتقيد بقدر أو بوجود سترة أو يعم الحكم‏؟‏ قيده أصحابنا بما إذا مر بينه وبين السترة فإن فقدت السترة فحدَّه بعضهم بقدر السترة وهو ثلاثة أذرع قال‏:‏ والمراد أن يمر بين يديه معترضاً فإن كان قاعداً بين يديه أو قائماً أو نائماً فمر بين يدي المصلي لجهة القبلة لم يدخل في الوعيد الآني ‏(‏ماذا عليه‏)‏ زاد في رواية من الإثم وأنكرها ابن الصلاح وما استفهامية وهي مبتدأ وذا خبره وهو اسم إشارة أو موصول وهو ‏[‏ص 335‏]‏ الأولى لافتقاره إلى ما بعده والجملة سادة مسد مفعولي يعلم وقد علق عمله بالاستفهام وأبهم الأمر تفخيماً وتعظيماً وجواب لو محذوف أي لو يعلم ذلك لوقف ولو وقف لكان خيراً له فقوله ‏(‏لكان أن يقف أربعين‏)‏ زاد البزار خريفاً ‏(‏خيراً له‏)‏ جواب لو المحذوفة لا المذكورة وفي رواية خير بالرفع اسم كان وخبرها ما قبله وقال الزين العراقي‏:‏ في رواية البخاري خيراً بالنصب على أنه خبر كان وفي رواية الترمذي بالرفع على أنه اسم كان وأن يقف الخبر ‏(‏من أن يمر بين يديه‏)‏ يعني لو علم قدر الإثم الذي يلحقه من مروره لاختار أن يقف المدة المذكورة لئلا يلحقه الإثم ووجه التقييد بأربعين أن الأربعة أصل جميع الأعداد فلما أريد التكثير ضربت في عشرة أو أن كمال أطوار الإنسان في أربعين كأطوار النطفة وكذا كمال عقله وبلوغ أشده لكن في ابن ماجه بدل أربعين مئة وهو يدل على أن المراد بالعدد المبالغة في التكثير لكن ذهب الطحاوي إلى أنه ورد المئة بعد الأربعين زيادة في تعظيم إثم المار وحذف مميز الأربعين هنا وذكر في رواية البزار خريفاً وفيه استعمال لو في الوعيد ولا يدخل في النهي لأن محله إن أشعر بما يعاند المقدور وقضية الحديث منع المرور مطلقاً وإن فقد طريقاً بل يقف حتى يفرغ من صلاته وإن طالت قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه إيهام ما على المار بين يدي المصلي من الإثم زجراً له لأنه إنما يقف أربعين على خطوة يخطوها لخوف ضرر عظيم يلحقه لو فعله‏.‏ قال النووي‏:‏ وفيه تحريم المرور أي بين يدي المصلي وسترته فإن لم يكن سترة كره ومحله إذا لم يقصر المصلي وإلا كأن وقف بالطريق فلا تحريم ولا كراهة قال بعضهم‏:‏ وللمار مع المصلي أربعة أحوال‏:‏ الأول أن يكون له مندوحة عن المرور ولم يتعرض المصلي لمرور الناس عليه فالإثم خاص بالمار، الثاني أن لا يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فالإثم خاص بالمصلي، الثالث أن يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فيأثمان، الرابع أن لا يكون له مندوحة عنه ولا يتعرض له المصلي فلا إثم على أحد منهما اهـ وما ذكره من إثم المصلي فيما قاله ممنوع غايته أنه مكروه فلا يأثم‏.‏

- ‏(‏مالك ق 4‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي جهيم‏)‏ بضم الجيم وفتح الهاء وسكون التحتية مصغراً ابن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديجد الميم ابن عمرو الأنصاري قيل‏:‏ اسمه عبد اللّه وقد ينسب لجده‏.‏

7498 - ‏(‏لو يعلم المار بين يدي المصلي‏)‏ أي سترته التي بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل ‏(‏لأحب أن ينكسر فخذه‏)‏ وفي رواية لأحب أن يكون رماداً يذريه الرياح ‏(‏ولا يمر بين يديه‏)‏ يعني أن عقوبة الدنيا وإن عظمت أهون من عقوبة الآخرة وإن صغرت لأنه مناج ربه واختلف في تحديد ذلك فقيل‏:‏ إذا مر بينه وبين مقدار سجوده وقيل‏:‏ بينه وبين ثلاثة أذرع وقيل‏:‏ بينه وبين قدر رمية حجر قال النووي‏:‏ فيه تحريم المرور أي بشرطه المار فإن معنى الحديث النهي الأكيد والوعيد على ذلك انتهى وقضيته أنه كبيرة واستنبط من قوله لو يعلم اختصاص الإثم بالعالم العامد وأن الوعيد مختص بالمار لا من قعد أو وقف لكن العلة تفهم خلافه وفيه وفيما قبله استعمال لو في الوعيد والتهديد ولا يدخل في خبر لا يقل أحدكم لو فإن النهي محمول على الخوض في القدر بغير علم‏.‏

- ‏(‏ش‏)‏ في المصنف ‏(‏عن‏)‏ أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن ‏(‏عبد الحميد عن ابن عبد الرحمن‏)‏ عامل الكوفة لعمر بن عبد العزيز ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال‏:‏ وقد مر رجل بين يديه وهو يصلي فجذبه حتى كاد يخرق ثوبه فلما انصرف قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره قال الزين العراقي في شرح الترمذي‏:‏ وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب العدوي روى عن التابعين فالحديث معضل اهـ‏.‏

7499 - ‏(‏لو يعلم المؤمن ما عند اللّه من العقوبة‏)‏ أي من غير التفات إلى الرحمة ‏(‏ما طمع في الجنة‏)‏ أي في دخولها ‏(‏أحد ‏[‏ص 336‏]‏ ولو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرحمة‏)‏ أي من غير التفات إلى العقوبة ‏(‏ما قنط من الجنة أحد‏)‏ ذكر المضارع بعد لو في الموضعين ليفيد استمرار امتناع الفعل فيما مضى وقتاً مؤقتاً لأن لو للمضي قال الطيبي‏:‏ وسياق الحديث في بيان صفة العقوبة والرحمة للّه تعالى فكما أن صفاته غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد فكذا عقوبته ورحمته فلو فرض وقوف المؤمن على كنه صفات القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخلق طراً فلا يطمع في جنته أحد هذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن ويمكن أن يراد بالمؤمن الجنس على الاستغراق فتقديره أحد منهم ويمكن كون المعنى المؤمن اختص بأن طمع في الجنة فإذا انتفى المطمع عنه فقد انتفى عن الكل وكذا الكافر مختص بالقنوط فإذا انتفى القنوط عنه انتفى عن الكل‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ ظاهره أن الترمذي تفرد به عن الستة وأنه لا وجود له في أحد الشيخين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول عجيب فقد خرجه الشيخان في التوبة واللفظ لمسلم‏.‏

7500 - ‏(‏لو يعلم المرء ما يأتيه بعد الموت‏)‏ من الأهوال والشدائد ‏(‏ما أكل أكلة ولا شرب شربة وهو يبكي ويضرب على صدره‏)‏ حيرة ودهشاً قال الغزالي‏:‏ فعلى العاقل التفكر في عقاب الآخرة وأهوالها وشدائدها وحسرات العاصين في الحرمان من النعيم المقيم وهذا فكر لذاع مؤلم للقلوب جار إلى السعادة ومن ساعد قلبه على نفرته منه وتلذذه بالفكر في أمور الدنيا على طريق التفرج والاستراحة فهو من الهالكين‏.‏

- ‏(‏طص عن أبي هريرة‏)‏ وفيه إبراهيم بن هراسة قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ تركه الجماعة‏.‏

7501 - ‏(‏لو يعلم الناس من الوحدة‏)‏ بكسر الواو وتفتح وأنكر السفاقسي الكسر ‏(‏ما أعلم‏)‏ من الضرر الديني كفقد الجماعة والدنيوي كفقد المعين وهي جملة في محل نصب مفعول يعلم ‏(‏ما سار راكب‏)‏ وكذا ماش فالراكب غالبي ‏(‏بليل وحده‏)‏ كان القياس ما سار أحد وحده لكن قيد بالراكب لأن مظنة الضرر فيه أقوى كنفور المركوب واستيحاشه من أدنى شيء وبالليل لأنه أكثر خطراً وإذا أظلم كثر فيه الغدر فالسائر راكباً بليل متعرض للشر من وجوه وفيه أنه يكره أن يسافر وحده لا سيما بالليل، نعم من أنس باللّه حيث صار بأنس بالوحدة كأنس غيره بالرفقة عدم الكراهة كما لو دعت للانفراد ضرورة أو مصلحة لا تنتظم إلا به كإرسال جاسوس وطيعة والكراهة لما عداه وقيل حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند الأمن والكراهة بالخوف حيث لا ضرورة‏.‏

- ‏(‏حم خ ت‏)‏ في الجهاد ‏(‏ه‏)‏ في الأدب ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ولم يخرجه مسلم‏.‏

7502 - ‏(‏لو يعلم الناس‏)‏ أي علموا فوضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم ‏(‏ما في النداء‏)‏ أي التأذين في الفضل أو هو الإقامة على حذف مضاف يعني في حضور الإقامة وتحرم الإمام وهو أنسب بقوله ولو يعلم الناس ما في ‏(‏الصف الأول‏)‏ الذي يلي الإمام أي ما في الوقوف فيه من خير وبركة كما جاء في رواية هكذا وأبهم فيه الفضيلة ليفيد ضرباً ‏[‏ص 337‏]‏ من المبالغة وأنه مما لا يدخل تحت الوصف ‏(‏ثم لم يجدوا‏)‏ شيئاً من وجوه الأولية بأن يقع التساوي أو ثم لم يجدوا طريقاً لتحصيله كأن ضاق الوقت عن أذان بعد أذان ولا يؤذن في المسجد إلا واحد وبأن يأتوا إلى الصف دفعة ولا يسمح بعضهم لبعض ‏(‏إلا أن يستهموا عليه ‏(‏لاستهموا‏)‏ أي بالاستهام وهو الاقتراع أو تراموا بالسهام مبالغة لما فيه من الفضائل كالسبق للمسجد وقرب الإمام وسماع قراءته والتعلم منه والفتح عليه وغير ذلك وثم هنا للإشعار بتعظيم الأمر ورغبة الناس عنه قال الطيبي‏:‏ وعبر بثم المؤذنة بتراخي رتبة الاستباق عن العلم وقدم ذكر التأذين دلالة على تهنئ المقدمة الموصلة إلى المقصود الذي هو المسؤول بين يدي رب العزة فيكون من المقربين وأطلق مفعول يعلم يعني ما ولم يبين أن الفضيلة ما هي ليفيد ضرباً من المبالغة فإنه مما لا يدخل تحت الحصر والوصف وكذا تصوير حالة الاستباق بالاستهام فيه من المبالغة حدها فإنه لا يقع إلا في أمر يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون سيما إخراجه مخرج الاستثناء والحصر وليت شعري بماذا يتشبث ويتمسك من طرق سمعه هذا البيان ثم يتقاعد عن الجماعة خصوصاً عن الصف الأول‏؟‏ ثم عقبه بالترغيب في إدراك أول الوقت فقال ‏(‏ولو يعلمون ما في التهجير‏)‏ التكبير بأي صلاة ولا يعارضه بالنسبة للظهر الإبراد لأنه تأخير قليل ذكره الهروي ملخصاً من قول البيضاوي الأمر بالتهجير لا ينافيه الأمر بالإبراد لأن الأمر به رخصة عند بعضهم ومن حمله على الندب يقول الإبراد تأخير يسير ولا يخرج بذلك عن حد التهجير ‏(‏لاستبقوا إليه‏)‏ أي التهجير قال القاضي‏:‏ التهجير السفر في الهاجرة والمراد به السعي إلى الجمعة والجماعة في أول الوقت‏.‏ قال ابن أبي جمرة‏:‏ المراد الاستباق معناه حساً لأن المسابقة على الإقدام حساً تقتقضي السرعة في المشي وهو ممنوع منه ‏(‏ولو يعلمون ما في‏)‏ ثواب أداء صلاة ‏(‏العتمة‏)‏ بفتح الفوقية من عتم أظلم وهي من الليل بعد مغيب الشفق والمراد العشاء ‏(‏و‏)‏ ثواب أداء صلاة ‏(‏الصبح‏)‏ أي لو يعلمون ما في ثواب أدائهما في جماعة ‏(‏لأتوهما ولو‏)‏ كان الإتيان إليهما ‏(‏حبواً‏)‏ بفتح الحاء وسكون الموحدة مشياً على الركب فهو من باب حذف كان واسمها بعد لو وهو كثير ذكره الطيبي قال‏:‏ ويجوز أن يكون تقديره لو أتوهما حابين تسمية بالمصدر مبالغة وزعم أن المراد بالحبو هنا الزحف ردَّه المحقق أبو زرعة بتصريح أبي داود وغيره بالركب والشارع أدرى بمراده والحديث يفسر بعضه بعضاً وخصهما لما فيهما من المشقة على النفس وتسمية العشاء عتمة إشارة إلى أن النهي الوارد فيه للتنزيه لا للتحريم وأنه هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب تسمي المغرب العشاء فلو قال العشاء ظنوها المغرب وفسد المعنى وفات المطلوب فاستعمل العتمة التي يعرفونها وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف لدفع شرهما‏.‏

- ‏(‏مالك حم ق ن ه عن أبي هريرة‏)‏ زاد أحمد في روايته عن عبد الرزاق فقلت لمالك‏:‏ أما تكره أن تقول العتمة قال‏:‏ هكذا قال من حدثني‏.‏

7503 - ‏(‏لو يعلم الناس ما لهم في التأذين‏)‏ أي لو يعلمون ما لهم في التأذين من الفضل والثواب ‏(‏لتضاربوا عليه بالسيوف‏)‏ مبالغة لما في منصب الأذان من الفضل التام الذي سيناله المؤذن يوم القيامة‏.‏ ذكر أهل التاريخ أن القادسية افتتحت صدر النهار واتبع الناس العدو فرجعوا وقد حانت صلاة الظهر وأصيب المؤذن فتشاحن الناس في الأذان حتى كادوا يقتتلون بالسيوف فأقرع بينهم سعد بن أبي وقاص فقرع رجل فأذن‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رمز لحسنه وقد قال المنذري‏:‏ فيه ابن لهيعة وقال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وفيه ضعف اهـ‏.‏ وأقول‏:‏ اقتصارهما على ابن لهيعة غير مرضي إذ فيه أيضاً دراج عن أبي الهيثم وقد ضعفوه‏.‏

7504 - ‏(‏لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه‏)‏ في الإسلام ‏(‏معترضاً في الصلاة كان لأن يقيم مئة عام خير له من ‏[‏ص 338‏]‏ الخطوة التي خطاها‏)‏ ذهب الطحاوي إلى أن التقييد بالمئة في هذا الخبر وقع بعد التقييد بأربعين في الخبر المار زيادة في تعظيم الوزر لأنهما لم يقعا معاً والمئة أكثر والمقام مقام زجر وتهويل فلا يناسبه تقدم ذكر المئة‏.‏

‏(‏تتمة‏)‏ قال ابن دقيق العيد‏:‏ قسم بعض المالكية أحوال المار والمصلي في الإثم وعدمه أربعة أقسام يأثم المار دون المصلي وعكسه ويأثمان معاً وعكسه والأولى أن يصلي إلى سترة في غير مشرع وللمار مندوحة فيأثم المار دون المصلي، الثاني أن يصلي في مشرع مسلوك بغير سترة أو مباعداً عنها ولا يجد المار مندوحة فيأثم المصلي دون المار، الثالثة كالثانية لكن يجد المار مندوحة فيأثمان، الرابعة كالأولى لكن لا يجد المار مندوحة فلا يأثمان اهـ‏.‏ وقد مر ما فيه‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

7505 - ‏(‏لو يعلم صاحب المسألة‏)‏ أي الذي يسأل الناس شيئاً من أموالهم ‏(‏ما له فيها‏)‏ أي من الخسران والهوان عند اللّه ‏(‏لم يسأل‏)‏ أحداً من المخلوقين شيئاً بل لا يسأل إلا الخالق مع ما في السؤال من بذل الوجه ورشح الجبين ولهذا قيل كل سؤال وإن قل أكثر من نوال وإن جل، وكان علي كرم اللّه وجهه يقول‏:‏ من له حاجة فليرفعها في كتاب لأصون وجوهكم عن المسألة‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه قابوس بن أبي ظبيان وفيه كلام وأقول‏:‏ فيه أيضاً حرملة بن يحيى أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به وجرير بن حازم قال الذهبي‏:‏ تغير قبل موته‏.‏

7506 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي‏)‏ أمة الإجابة وفي رواية لمسلم على المؤمنين بدل أمتي ‏(‏لأمرتهم‏)‏ أمر إيجاب ‏(‏بـ‏)‏ استعمال ‏(‏السواك‏)‏ أي دلك الأسنان بما يزيل القلح ‏(‏عند كل صلاة‏)‏ فرضاً أو نقلاً ويندرج في عمومه الجمعة بل هي أولى لما خصت به من طلب تحسين الظاهر من غسل وتنظيف وتطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة وإزالة ما يضر بالمناجاة وإزالة ما يضر بالملائكة وبني آدم من تغيير الفم‏.‏ قال إمامنا الشافعي‏:‏ فيه أن السواك غير واجب وإلا لأمرهم به وإن شق وقال في اللمع‏:‏ فيه أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك مندوب وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به اهـ‏.‏ وقال غيره‏:‏ المنفي لوجود المشقة الوجوب لا الندب فإإنه ثابت قال بعضهم‏:‏ ويحتاج في تمام ذلك إلى أن السواك يكون مندوباً حال قوله لولا أن أشق وندبه معلل إما بأن المتوجه إلى اللّه ينبغي كونه على أكمل الأحوال أو بأن الملك يتلقى القراءة من فيه كما في الخبر المار فيحول بالسواك بينه وبين ما يؤذيه من الريح الكريه وقال بعضهم‏:‏ حكمة طلبه عند الصلاة أنها حالة تقرب إلى اللّه فاقتضى كونه حالة نظافة إظهاراً لشرف العبادة‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏حم ق ت ه عن أبي هريرة حم د ن عن زيد بن خالد الجهني‏)‏ قال ابن منده‏:‏ أجمعوا على صحته وقال النووي‏:‏ غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن البخاري لم يخرجه وأخطأ قال المصنف‏:‏ وهو متواتر‏.‏

7507 - ‏(‏لولا أن أشق‏)‏ أي لولا مخافة وجود المشقة ‏(‏على أمتي‏)‏ وفي رواية لأبي تمام على المؤمنين ‏(‏لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة‏)‏ قال القاضي‏:‏ لولا تدل على انتفاء الشيء لثبوت غيره والحق أنها مركبة من لو الدالة على انتفاء الشيء لانتفاء غيره ولا النافية ولو تدل على انتفاء الشيء لانتفاء غيره فتدل هنا على انتفاء الأمر لانتفاء نفي المشقة وانتفاء نفي الشيء ثبوت فيكون الأمر نفياً لثبوت المشقة ‏[‏ص 339‏]‏ وفيه أن الأمر للوجوب لا للندب لأنه نفي الأمر مع ثبوت الندبية ولو كان للندب لما جاز ذلك انتهى‏.‏ قال الطيبي‏:‏ فإذا كانت لو لا تستدعي امتناع الشيء لوجود غيره والمشقة نفسها غير ثابتة فلا بد من مقدر أي لولا خوف المشقة أو توقعها لأمرتهم‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والمشقة ما يشق على النفس احتماله أي فكأن النفس انشقت لما نالها من صعوبة ذلك الشيء وأراد بقوله لأمرتهم القول المخصوص دون الفعل والشأن قال ابن محمود‏:‏ والظاهر أنه حقيقة فيه لسبقه إلى الفهم من كونه بمعنى الفعل وفيه أن المندوب ليس مأموراً به لثبوت الندب وانتفاء الأمر لكن يطرقه ما مر من اتحاد زمنهما وفيه أن أوامر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم واجبة وجواز تعبده بالاجتهاد فيما لا نص فيه لجعله المشقة سبباً لعدم الأمر وشمل لفظ الأمة جميع أصنافها وأخرج غيرهم كالكفار وكونهم مخاطبون بالفروع لا يقدح لأن المندوبات قد تستلزم أن لا تدخل تحت الخطاب وقرينة خشيته على المشقة تؤيده فأل فيه لتعريف الحقيقة فتحصل السنة بكل ما يسمى سواكاً أو للعهد والمعهود عندهم كل خشن مزيل فينصرف الندب إليه بتلك الصفات وفيه الاكتفاء بما يسمى سواكاً فتحصل السنة عرضاً أو طولاً لكنه عرضاً أولى وسواء بدأ بيمنى فمه أو يساره أو مقدمه وباليمين أولى فإنه يسن حتى لمن بالمسجد خلافاً لبعض المالكية وأنه لا يكره بحال ما خرج عن ذلك إلا الصائم بعد الزوال بدلائل أخر وأن المشقة تجلب التيسير وإذا ضاق الأمر اتسع‏.‏ شفقته على أمته وعبر بكل العمومية ليشمل كل ما يسمى صلاة ولو نفلاً وجنازة واللفظ إذا تردد بين الحقيقة اللغوية والشرعية يجب حمله على الشرعية فخرج مجرد الدعاء إذ لا يسمى صلاة شرعاً ثم إنه لا يلزم من نفي وجوب السواك لكل صلاة نفي وجوبه إذ المشقة التي نفي الوجوب لأجلها غير حاصلة حصولها عند كل صلاة لكن لا قائل به ‏(‏ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل‏)‏ ليقل حظ النوم وتطول مدة انتظار الصلاة والإنسان في صلاة ما انتظرها كما في عدة أخبار فمن وجد به قوة على تأخيرها ولم يشق على أحد من المقتدين فتأخيرها إلى الثلث أفضل على ما نطق به هذا الحديث وهو قول الشافعي الجديد وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحب والتابعين واختاره النووي من جهة الدليل وفي القديم والإملأ أن تعجيلها أفضل وعليه الفتوى عند الشافعية قال في شرح التقريب‏:‏ وإنما اتفقوا على ندب تأكد السواك ولم يتفقوا على ندب تأخير العشاء بل جعله الأكثر خلاف الاستحباب مع أن كلاً منهما علل فيه ترك الأمر بالمشقة لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم واظب على السواك دون تأخيرها‏.‏

- ‏(‏حم ت والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة ‏(‏عن زيد بن خالد الجهني‏)‏ ورواه أحمد وأبو يعلى والبزار وزادوا فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط اللّه إلى سماء الدنيا فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر فيقول ألا سائل فيعطى ألا داع فيجاب ألا مستشفع فيشفع ألا سقيم يستشفى فيشفى ألا مستغفر فيغفر له قال الهيثمي‏:‏ رجالهم ثقات‏.‏

7508 - ‏(‏لولا أن أشق‏)‏ أن مصدرية في محل رفع على الابتداء والخبر محذوف وجوباً أي لولا المشقة موجودة والمشقة ما يصعب احتماله على النفس مشتقة من الشق وهو الوقوع في الشيء ‏(‏على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء‏)‏ هو بمعنى قوله عند كل وضوء أي لأمرتهم بالسواك مصاحباً للوضوء ويحتمل أن معناه لأمرتهم به كما أمرتهم بالوضوء ذكره أبو شامة، وفيه بيان شفقته على أمته ورفقه بهم واستدل به على أن الأمر يقتضي التكرار لأن الحديث دل على كون المشقة هي المانعة من الأمر بالسواك ولا مشقة في وجوبه مرة بل في التكرار ورد بأن التكرار لم يوجد هنا من مجرد الأمر بل من تقييده بكل صلاة‏.‏

- ‏(‏مالك‏)‏ في الموطأ ‏(‏والشافعي‏)‏ في المسند ‏(‏هق‏)‏ كلهم ‏(‏عن أبي هريرة طس عن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال المنذري بعد عزوه للطبراني‏:‏ إسناده حسن وقال الهيثمي‏:‏ فيه ابن إسحاق ثقة مدلس وقد صرح بالتحديث وإسناده حسن‏.‏

‏[‏ص 340‏]‏ 7509 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم‏)‏ أي لولا مخافة أن أشق عليهم لأمرتهم أمر إيجاب ففيه نفي الفرضية وفي غيره من الأحاديث إثبات الندبية لخبر مسلم عشر من الفطرة وعد منها السواك ‏(‏عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك‏)‏ قال أبو شامة‏:‏ وجهه عند الوضوء أنه وقت تطهير الفم وتنظيفه من المضمضة والسواك يأتي على ما لا تأتي عليه المضمضة فشرع معها مبالغة في النظافة والجمع بينهما بأن يتسوك عند الوضوء وعند الصلاة زيادة في النظافة المقصودة قال ابن دقيق العيد‏:‏ حكمة ندب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها في حالة تقرب إلى اللّه فاقتضى كونه حال كمال ونظافة إظهار لشرف العبادة‏.‏ وقال الزين العراقي في شرح الأحكام‏:‏ حكمته ما ورد من أنه يقطع البلغم ويزيد في الفصاحة وتقطيع البلغم مناسب للقراءة لأنه لا يطرأ عليه فيمنعه القراءة وكذا الفصاحة‏.‏

- ‏(‏حم ن عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو ثقة حسن الحديث وقال المنذري‏:‏ إسناد أحمد حسن‏.‏

7510 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك‏)‏ قال العراقي‏:‏ يطلق على الفعل وعلى الآلة التي يتسوك بها والظاهر أن المراد هنا الفعل ويحتمل إرادة الآلة بتقدير لفرضت عليهم استعماله قال القشيري‏:‏ وأل فيه لتعريف الحقيقة ولا يجوز كونها للاستغراق ويحتمل كونها للعهد لأن السواك كان معهوداً لهم على هيئات وكيفيات فيحتمل العود إليها والأول أقرب ‏(‏عند كل صلاة كما فرضت عليهم الوضوء‏)‏ تمسك بالعموم المذكور في هذا وما قبله وبعده من لم يكره للصائم السواك بعد الزوال فقالوا دخل فيها الصائم وغيره شهر رمضان وغيره واستدل بقوله عند كل صلاة على ندبه للفرض والنفل ويحتمل أن المراد الصلاة المكتوبة وهو اختيار أبي شامة ويؤيده قوله كما فرضت عليهم الوضوء فسوى بينهما فكما أن الوضوء لا يندب للراتبة التي بعد الفرض إلا إن طال الفصل مثلاً فكذا السواك وقد يفرق بأن الوضوء أشق من السواك ويؤيده حديث ابن ماجه كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك قال ابن حجر‏:‏ إسناده صحيح‏.‏

- ‏(‏ك عن ابن العباس بن عبد المطلب‏)‏ ورواه عنه أيضاً البزار والطبراني وأبو يعلى قال الهيثمي‏:‏ وفيه أبو علي الصقيل قال ابن السكن مجهول‏.‏

7511 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك‏)‏ مع الوضوء ‏(‏ولأخرت صلاة العشاء الآخرة إلى نصف الليل‏)‏ لما تقدم فيما قبل وخصت العشاء بندب التأخير لطول وقتها وتفرغ الناس من الأشغال والمعايش وفيه ندب السواك مطلقاً فإنه دل على ندبه بقيد الوضوء والدال على المقيد دال على المطلق‏.‏

- ‏(‏ك هق عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ لم يخرجا لفظ لفرضت وهو على شرطهما وليس له علة وشاهده ما قبله اهـ، ومن ثم رمز المصنف لصحته وقول النووي كابن الصلاح‏:‏ هذا الحديث منكر لا يعرف ذهول عجيب قال ابن حجر‏:‏ ويتعجب من ابن الصلاح أكثر فإنهما وإن اشتركا في قلة النقل من المستدرك لكن ابن الصلاح ينقل من سنن البيهقي كثيراً والحديث فيه‏.‏

7512 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك والطيب عند كل صلاة‏)‏ لأن المصلي يناجي ربه وتصافحه الملائكة ‏[‏ص 341‏]‏ فتأكد في حقه الطيب لذلك ومقتضى الحديث أنه لا فرق بين أن يصلي بوضوء أو بتيمم أو بلا طهارة بالكلية كفاقد الطهورين وبه صرح النووي وقد احتج بهذه الأخبار من ذهب إلى وجوب السواك لكل صلاة وهو قول إسحاق ابن راهويه كما نقله عنه الشيخ أبو حامد وغيره وبالغ فقال‏:‏ من تركه عمداً لم تصح صلاته وقال داود‏:‏ هو واجب لكن ليس بشرط وبما تقرر عرف ما في دعوى حكاية بعضهم الإجماع على عدم وجوبه قال ابن حجر‏:‏ وأكثر الأخبار الدالة على وجوبه لا تثبت وبتقدير الصحة فالنفي في مفهومها الأمر به مقيد بكل صلاة لا مطلق الأمر ولا يلزم من نفي المقيد نفي المطلق ولا من ثبوت المطلق التكرار‏.‏

- ‏(‏ص عن مكحول‏)‏ الشامي ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

7513 - ‏(‏لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار‏)‏ تمسك بهذا الخبر وما قبله من الأخبار من ذهب إلى أن للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم الحكم باجتهاده لجعله المشقة سبباً لعدم أمره ولو كان الحكم موقوفاً على النص كان سبب انتفاء أمره عدم ورود النص به لا وجود المشقة والخلاف في المسألة طويل الذيل مبين في الأصول‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم في كتاب السواك عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال ابن حجر‏:‏ في إسناده ابن لهيعة‏.‏

7514 - ‏(‏لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها‏)‏ لكنها أمة كاملة فلا آمر بقتلها ولا أرتضيه لدلالتها على الصانع وقدرته وحكمته وتسبيحها بلسان الحال والقال وما من خلق إلا وفيه نوع حكمة أو مصلحة وإذا امتنع استئصالها بالقتل ‏(‏فاقتلوا منها‏)‏ أخبثها وأشرها ‏(‏الأسود البهيم‏)‏ أي الشديد السواد فإنه أضرها وأعقرها وأبقوا ما سواه ليدل على قدرة من سوَّاه ولينتفع بها في نحو حرس أو زرع وفيه أن الأمة تطلق على كل جنس من الحيوان‏.‏

- ‏(‏د ت‏)‏ في الصيد ‏(‏عن عبد اللّه بن مغفل‏)‏ ورواه الطبراني وأبو يعلى عن عائشة بنحوه قال الهيثمي‏:‏ وسنده حسن‏.‏

7515 - ‏(‏لولا أن المساكين‏)‏ في رواية بدله السؤال ‏(‏يكذبون‏)‏ في دعواهم الفاقة ومزيد الحاجة ‏(‏ما أفلح من ردهم‏)‏ يعني يكذبون في صدق ضرورتهم وحاجتهم غالباً لا أن كلهم كذلك بل فيهم من يجعل المسألة حرفة‏.‏ سمعت عائشة سائلاً يقول‏:‏ من يعشيني أطعمه اللّه من ثمار الجنة فعشته فخرج فإذا هو ينادي من يعشيني فقالت‏:‏ هذا تاجر لا مسكين، فلما احتمل أمرهم كذباً وصدقاً خفف أمر الرد بقوله لولا ولم يجزم وقوع التهديد وإنما رد الراد بفوات التقديس وهو التطهير بالصدقة لأن للسائل حقاً وفيه حث على إجابة السائل وتحذير من التغافل عنه والرد خوفاً من كونه صادقاً‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ والقضاعي ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ الباهلي قال الهيثمي‏:‏ فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف وفي الميزان عن العقبلي‏:‏ لا يصح في هذا شيء وحكم ابن الجوزي بوضعه ونازعه المصنف‏.‏

7516 - ‏(‏لولا أن لا تدافنوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين أي لولا خوف تر التدافن من خوف أن يصيبكم من العذاب ما أصاب الميت ‏(‏لدعوت اللّه أن يسمعكم‏)‏ هو مفعول دعوت على تضمينه معنى سألت لأن دعوت لا يتعدى إلى مفعولين ‏(‏عذاب القبر‏)‏ لفظ ‏[‏ص 342‏]‏ رواية أحمد لدعوت اللّه أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع هكذا هو ثابت في روايته بزيادة من الذي أسمع قال الطيبي‏:‏ أن يسمعكم مفعول ثان لدعوت على تضمين سألت والذي مفعول أن يسمعكم ومن عذاب القبر بيان له حال منه مقدم عليه ومعنى لولا أن لا تدافنوا أنهم لو سمعوه لتركوا التدافن حذراً من عذاب القبر أو لاشتغل كل بخويصته حتى يفضى بهم إلى ترك التدافن وقيل لا زائدة ومعناه لولا أن تموتوا من سماعه فإن القلوب لا تطيق سماعه فيصعق الإنسان لوقته فكنى عن الموت بالتدافن ويرشد إليه قوله في الحديث الآخر لو سمعه الإنسان لصعق أي مات وفي رواية لأحمد لولا أن تدافنوا بإسقاط لا وهو يدل على زيادتها في تلك الرواية وقيل أراد لأسمعتكم عذاب القبر أي صوته ليزول عنكم استعظامه واستبعاده وهم وإن لم يستبعدوا جميع ما جاء به كنزول الملك وغيره من الأمور المغيبة لكنه أراد أن يتمكن خبره من قلوبهم تمكن عيان وليس معناه أنهم لو سمعوا ذلك تركوا التدافن لئلا يصيب موتاهم العذاب كما قيل لأن المخاطبين وهم الصحب عالمون بأن العذاب أي عذاب اللّه لا يرد بحيلة فمن شاء تعذيبه عذبه ولو في ببطن حوت بل معناه لو سمعوا عذابه تركوا دفن الميت استهانة به أو لعجزهم عنه لدهشهم وحيرتهم أو لفزعهم وعدم قدرتهم على إقباره أو لئلا يحكموا على كل من اطلعوا على تعذيبه في قبره بأنه من أهل النار فيتركوا الترحم عليه وترجي العفو له وإنما أحب إسماعهم عذاب القبر دون غيره من الأهوال لأنه أول المنازل وفيه أن الكشف بحسب الطاقة ومن كوشف بما لا يطيقه هلك‏.‏